نسبه
طلبه العلم
براعته في العلم
عبادته و ورعه
شهادات
نسبه :
هو محمد بن إدريس الشافعي, يرجع نسبه إلى هاشم بن عبد المطلب, فهو ابن عم
الرسول صلى الله عليه وسلم.
ولد بغزّة سنة خمسين ومائة, ومات أبوه وهو صغير, فحملته أمه إلى مكّة وهو ابن
سنتين, فنشأ بها, وقرأ القرآن وهو ابن سبع سنين, وحفظ " الموطأ" وهو ابن عشر.
طلبه العلم :
نشأ رحمه الله في حجر أمه, في قلة عيش, وضيق حال, وكان في صباه يجالس العلماء
ويكتب ما يستفيده في العظام ونحوها, لعجزه عن الورق.
وتفقّه في مكة على مسلم بن خالد الزنجي, ونزل في شعب الخيف منها.
ثم قدم المدينة فلزم الإمام مالكاً رحمه الله, وقرأ عليه الموطأ حفظا, فأعجبته
قراءته, وقال له: اتق الله, فانه سيكون لك شأن, وكان سن الشافعي حين أتى مالكا
ثلاث عشرة سنة.
ثم رحل إلى اليمن حين تولى عمه القضاء بها, واشتهر بها.
ثم رحل إلى العراق, وجدّ في الاشتغال بالعلم, وناظر محمد بن الحسن وغيره, ونشر
علم الحديث, وأقام مذهب أهله, ونصر السنة, واستخرج الأحكام منها. ورجع كثير من
العلماء على مذاهب كانوا عليها إلى مذهبه.
ثم خرج إلى مصر آخر سنة تسع وتسعين ومائة, وصنف كتبه الجديدة, ورحل الناس اليه
من سائر الأقطار.
إلى الأعلى..
براعته في العلم :
و قد برع في جميع العلوم.
قال الربيع بن سليمان: كان الشافعي رحمه الله يجلس في حلقته اذا صلى الصبح,
فيجيئه أهل القرآن, فاذا طلعت الشمس قاموا, وجاء أهل الحديث, فيسألونه تفسيره
ومعانيه, فاذا ارتفعت الشمس, قاموا, فاستوت الحلقة للمذاكرة والنظر, فاذا ارتفع
الضحى تفرّقوا, وجاء أهل العربية والعروض والنحو والشعر, فلا يزالون إلى قرب
انتصاف النهار ثم ينصرف.
وقال محمد بن الحكم: ما رأيت مثل الشافعي؛ كان أصحاب الحديث يجيئون اليه
ويعرضون عليه غوامض علم الحديث, وكان يوقفهم على أسرار لم يقفوا عليها, فيقومون
وهم يتعجبون منه, وأصحاب الفقه الموافقون والمخالفون, لا يقومون الا وهم مذعنون
له, وأصحاب الأدب يعرضون عليه الشعر فيبيّن لهم معانيه...
وهو أوّل من دوّن علم أصول الفقه, فكتب في ذلك " الرسالة".
وكان شاعرا ولكنه لم يهتم لهذا الجانب وقال في ذلك:
و لولا الشعرُ بالعلماءِ يُزري *** لكنت اليوم أشعرَ
من لبيبِ
و قد حذق الرمي حتى كان يصيب من كل عشر تسعة.
عبادته و ورعه :
وكان ذا عبادة وورع:
قال الربيع بن المرادي: كان الشافعي يختم القرآن في شهر رمضان ستين مرّة.
وقال الربيع بن سليمان: قال الشافعي: ما شبعت منذ ستة عشرة سنة الا شبعة
طرحتها, لأن الشبع يقتل البدن, ويقسي القلب, ويزيل الفطنة, ويجلب النوم ويضعف
صاحبه عن العبادة.
وكان رحمه الله من أسخى الناس بما يجد, وقصص سخائه مشهورة.
ومناقبه جمّة, وقد ألفت كتب في مناقبه.
توفي بمصر آخر يوم من رجب سنة أربع ومائتين, عن أربع وخمسن سنة.
ومذهب الامام الشافعي أحد المذاهب الأربعة التي انتشرت في العالم الاسلامي وهو
أوّل من دوّن علم أصول الفقه.
إلى الأعلى..
شهادات :
أقوال العلماء الأعلام في عالم تعدّ شهادات. دونها كل الشهادات العلمية. وهي
دلالة على مكانة المشهود له, وبخاصة اذا كانت من أصحاب العلم والفضل, ولا يعرف
الفضل الا ذووه.
وأذكر بعض الأقوال التي قيلت في حق الامام الشافعي, استكمالا للترجمة السابقة
الوجزة.
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: قلت لأبي: أي رجل كان الشافعي, فاني سمعتك تكثر
من الدعاء له؟ قال: يا بني, كان كالشمس للدنيا, وكالعافية للناس, فهل لهذين من
خلف, أو منهما عوض؟
وقال أحمد: كان الشافعي من أفصح الناس.
وقال: ما أحد مسّ بيده محبرة ولا قلما؛ الا وللشافعي في رقبته منه, ولولا
الشافعي ما عرفنا فقه الحديث, وكان الفقه قفلا على أهله, حتى فتحه الله
بالشافعي.
وقال محمد بن الحسن: ان تكلّم أصحاب الحديث يوما, فبلسان الشافعي.
قال اسحاق بن راهويه: لقيني أحمد بن حنبل بمكة, فقال: تعال أريك رجلا لم تر
عيناك مثله, فأراني الشافعي. قال: فتناظرا في الحديث, فلم أر أعلم منه, ثم
تناظرا في الفقه فلم أر أفقه منه, ثم تناظرا في القرآن, فلم أر أقرأ منه, ثم
تناظرا في اللغة, فوجدته بيت اللغة, وما رأت عيناي مثله قط.
وقال أبو ثور الكلبي: ما رأيت مثل الشافعي, ولا رأى مثل نفسه.
وقال الحميدي: سيّد علماء زمانه الشافعي.
وقال الفضل بن دكين: ما رأينا ولا سمعنا أكمل عقلا, ولا أحضر فهما, ولا أجمع
علما من الشافعي.
وقال أبو ثور: من زعم أنه رأى مثل محمد بن إدريس في علمه, وفصاحته, ومعرفته,
وثباته وتمكّنه, فقد كذب, كان منقطع القرين في حياته, فلما مضى لسبيله لم يعتض
منه.
وقال الامام أحمد: ان الله يقيض للناس في رأس كل مئة من يعلمهم السنن, وينفي عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم الكذب, قال: فنظرنا, فإذا في رأس المئة عمر بن
عبد العزيز, وفي رأس المائتين الشافعي.
أكتفي بهذه الشهادات وغيرها كثير... و يبقى الكثير يقال عن الإمام الشافعي -
رضي الله عنه .
إلى الأعلى..
|